القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المنشورات

كيفية التّعامل مع قلق الامتحان | مهارات التميز الدراسي 14#

كيفية التّعامل مع قلق الامتحان | مهارات التميز الدراسي 14


كيفية التّعامل مع قلق الامتحان | مهارات التميز الدراسي 14#

القلق لا يكون من الاختبار، ولكن يكون من توقّع نتيجة الاختبار سَلْبِيًّا.

تقديم

تعتري التلاميذ / الطلبة فترةَ الاختبارات حالة نفسية، قد تكون عائقا لهم عن النّجاح والتّفوّق؛ إِنْ لم يحسنوا التعامل معها بشكل جيّد، إنّها ما يُعْرَفُ في علم النّفس بـ «قلق الاختبار». وهي عامل أساس في نسيان التلميذ / الطالب كثيرًا من المعلومات التي ذاكرها، بل إنّه قد حفظها عن ظهر قلب. لكن مع ذلك، لا يستطيع استدعاءها يوم الاختبار، وإن كانت موجودة في ذاكرته. وهذا يؤكّده الواقع، حيث يتمّ تذكّر التلميذ / الطالب مجموعة من المعلومات التي كان في حاجة مَاسَّةٍ إليها للإجابة عن الأسئلة، بمجرّد مغادرة قاعة الاختبار.

وقد عَلِمْنَا أن نسيان المعلومة لا يعني فقدانها من الذاكرة تماما، وإنّما يعني عدم القدرة على استدعائها في تلك اللحظة؛ بسبب الحالة النفسية (قلق، توتّر...)، أو تشتّت الذّهن جَرَّاءَ الطّوارق التي تتوارد عليه في آنٍ واحدٍ، فلا يَقْدِرُ على التّركيز في المعلومة الْمُرَادِ استدعاؤها.


ما هي أقسام القلق؟

يقسّم العلماء القلق إلى قسمين:

1. قَلَقٌ طبيعي: وهو بمثابة جهاز إنذار وتنبيه للإنسان؛ حتّى يأخذ حِذْرَهُ من الأخطار التي تواجهه في الحياة، والتي قد تضرّ به، إنْ لم يَسْتَعِدَّ لها أكمل استعداد. وهذا النوع من القلق مطلوب، وإلاّ، عرّض الإنسان نفسه إلى المهالك. لكن، إذا زاد على حدّه، صار قلقًا مرضيًا، يجب على الإنسان أن يطلب له علاجًا نفسيا.

2. قَلَقٌ مرضي: وهو حالة وجدانية تنتاب الإنسان [التلميذ / الطالب...]، إِثْرَ توقّعات سَلبية للمستقبل، فيكون بذلك عائقا للإنسان عن تحقيق نجاحه في ما يريد، لا مُعِينًا له، خلافا للقَلَقِ الطّبيعي.


ما هي أعراض القلق الْمَرَضِي؟

وتَنْتُجُ عن هذا النّوع من القلق مجموعة من الأعراض الفيزيولوجية والنفسية، تتمثّل في: الخوف، التّوتر، ارتفاع ضغط الدّم، التعرّق، سرعة دقات القلب، أرق النوم، فقدان شهية الطعام، النسيان، التوقّع السَّلبي لنتيجة الاختبار، الارتعاش، برودة الأطراف، إمساك البطن، جفاف ريق الحلق، قرقرة في المعدة، اضطراب في الكلام، الرغبة في تأجيل الاختبار، تشتت الانتباه، ضَعف جهاز المناعة.

وقد يُغْمَى على الإنسان ويفقد وعيه، بسبب ارتفاع معدّل هذا القَلَقِ، تعبيرًا منه عن عدم القدرة على التّحمّل. ولازالت صورة تلك التلميذة التي أُغْمِيَ عليها في اختبار مادّة الفلسفة بالبكالوريا، راسخة في مُخَيِّلَتِي رغم مرور خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً عليها. فبمجرّد أن وزّعوا علينا أسئلة الاختبار، وقمنا بقراءتها؛ سقطت أرضا.


ما سبب تلك الأعراض كلّها؟

السبب في كلّ تلك الأعراض هو: ارتفاع نسبة إفراز هرمون الأدرينالين في الجسم من قِبَلِ الغُدَّة الكَظَرِية التي توجد فوق الكِلْيَتَيْنِ، وهذا عائد إلى نوع الاستجابة التي تعامل بها التلميذ / الطالب مع الاختبار: أ هي استجابة استرخاء، أم استجابة طوارئ.


كيف نعالج قلق الاختبار؟

والعلاج الوحيد النّاجع لقلق الاختبار والأعراض المترتّبة عنه هو: الإعداد الجيّد للاختبار قبل حلول موعده. وأخذ أنفاس عميقة من البطن أو بمساعدة الحجاب الحاجز أثناء الاختبار، وإمساك رابط الاسترخاء، الذي يذكّر بالمحافظة على الهدوء والتركيز.


ما هو رابط الاسترخاء؟

رابط الاسترخاء هو: ربط حالة الاسترخاء ذهنيا بإشارة بصرية أو سمعية أو حسية، بحيث يؤدّي إطلاق الإشارة إلى حضور تلك الحالة الذهنية.


كيف يتمّ تأسيسه؟

ويتمّ تأسيسه عبر اتّباع الخطوات الآتية:

1) تذكّر وقتا كنت فيه بحالة (استرخاء) عارمٍ.

2) حينما تتذكّر، تحديدًا، ذلك الوقت الرائع الذي كنت فيه (مسترخيا) تماما؛ تخيّل نفسك تدخل إلى أعماقك، وشاهد ما شاهدت في تلك الحالة، واسمع ما سمعت، واشْعُرْ بما شَعَرْتَ.

3) حينما تصل مشاعرك إلى قمّتها؛ أمسك رابطا من اختيارك لمدة تتراوح بين [5 – 15] ثانية، ثمّ اتركه.

4) اكسر الحالة، بالنّظر إلى اليمين واليسار.

5) اختبر الرابط الذي أسّسته، بالإمساك به مرة أخرى، ولاحظ المشاعر التي تشعر بها الآن!

6) قُمْ بمجاراة في المستقبل، وذلك بأن تتخيّل نفسك في قاعة الاختبار، تقرأ الأسئلة، وتفكّر في الإجابة؛ ممّا يُشْعِرُكَ بالتّوتّر والضّغط. والآنَ، أمسك الرابط مرة أخرى، ولاحظ مشاعرك، هل تغيّرت من حالة التوتر والضغط إلى حالة الاسترخاء؟!

وهكذا، تكون قد أسّست رابط الاسترخاء ذهنيا، فكلّما احتجت إلى الاسترخاء في شؤونك كلّها، سواء في الدراسة، أو في البيت، أو في موقف صعب تمرّ به... فما عليك إلاّ أن تمسك رابطك الذي صنعته، فينقلك دماغك مباشرة إلى تلك الحالة، ويُلْغِي ما قبلها من توتّر وارتباك وقلق... إلى ما هنالك.

ويمكن الاستعانة أيضا بالتدربيات الذهنية (Autogenics) على التغلب على قلق الاختبار. وذلك بممارسة التخيل الابتكاري، حيث تتخيّل نفسك في قاعة الاختبار تجيب عن الأسئلة بكلّ سهولة، وأنت مسترخٍ ومرتاح تماما. وتكرّر هذا، يوميا، قبل النوم؛ حتى يَأْلَفَهُ دماغك، فَيُكَيِّفَ عليه جهازك العصبي.


ختاما

إنّ قلق الاختبار ليس قاصرا على الاختبارات الكتابية أو الشفهية التي يجتازها التلميذ / الطالب فقط، بل يَتَعَدَّى ذلك، فقد يعتريك أثناء إجراء مقابلة من أجل الحصول على وظيفة، أو إلقاء عرض أمام جمهور، أو الدخول في علاقة إنسانية جديدة، أو الشروع في تنفيذ مشروع شخصي... فما يحصل لك وقتئذ هو ما يحصل للتلميذ / الطالب سواء بسواء. فإنْ لم تحسن التعامل معه؛ أفقدك كثيرا من الفرص في الحياة.

أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
د. محمد لعسيلي، استشاري نفسي وأسري وتربوي، مكوّن معتمد في التنمية الذاتية، باحث في الثيولوجيا والميتودولوجيا واللغة والأدب، صانع برامج تكوينية.