القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المنشورات

طرق المذاكرة الفعّالة | مهارات التميز الدراسي 12#

طرق المذاكرة الفعّالة | مهارات التميز الدراسي 12


طرق المذاكرة الفعّالة | مهارات التميز الدراسي 12#

إذا واجهتني مشكلة، فإنّني أقسّمها إلى جزئيات، وأقسّم الجزئيات إلى جزئيات أصغر. (أرسطو  Aristote)

تقديم

لقد تعرّض الباحثون في علم النّفس التّربوي إلى بيان الطرق الْمُثْلَى في دراسة المادّة الْمُتَعَلَّمَةِ ومذاكرتها، ومن أهمّ تلك الطّرق ما يأتي:


كيف أدرس المادة المتعلَّمة وأُذَاكِرُهَا بشكل ناجع؟

1) الطّريقة الكُلّيّة: وهي قراءة الموضوع بشكل عامّ، ثمّ إعادة قراءته مرّات ومرّات؛ حتى يتمّ استيعاب الأفكار التي يتضمّنها. مثالها: تقرأ قصيدة قراءة عامّة، تشمل كلّ أبياتها مرّات، وتكرّر ذلك حتّى تُحْفَظَ بشكلّ جيّدٍ.

2) الطريقة الجُزئية أو الفقرية: وهذه الطريقة هي لمذاكرة الموضوعات الطويلة، وتعني: تقسيم الموضوع إلى فقرات حسب ترابط الأفكار. يقول أرسطوAristote : «إذا واجهتني مشكلة، فإنّني أقسّمها إلى جزئيات، وأقسّم الجزئيات إلى جزئيات أصغر».

مثالها: تخيّل أنّك مضطر إلى حفظ هذا الرقم المكوّن من خمسةَ عشرَ رقمًا: [012313414515616]، فإنّ الطريقة المثلى لحفظه هي تقسيمه إلى أجزاء بينها رابط معيّن؛ فَيَسْهُل بعد ذلك حفظه، مثال ذلك: [012/313/414/515/616].

3) الطريقة الْمُخْتَلِطَة: وهذه الطريقة تجمع بين الطريقتيْن السّالفتين، أي: تقرأ المادّة بشكل عامّ، ثمّ تقسّمها إلى موضوعات جزئية.

4) الطريقة الشَّجَرِيَّة: وهي أن تقوم بكتابة العنوان الرئيس للدّرس على ورقة، ثم تقوم بكتابة العناوين الفرعية الأخرى، ثم كتابة العناوين الثّانوية الأخرى لكلّ عنوان فرعي مع كتابة بعض الملاحظات المختصرة جدًّا، وسُمِّيَتْ هذه الطريقة كذلك؛ لأنّها تشبه الشّجرة. ويمكن أن نصنّف الخريطة الذهنية ضمن هذه الطريقة؛ لأنّها تقوم على هذه المبادئ نفسها.

5) طريقة [System M.U.R.D.E.R a Study] (M.U.R.D.E.R) لـ"Thomas Hobbes": و(M.U.R.D.E.R) هي تَذْكِرَةٌ لفظية لمجموعة من الكلمات، وتعني:

الحالة الْمِزاجيةMood = M  (المشاعر والأحاسيس): ينبغي الحرص على المشاعر الإيجابية وقتَ المذاكرة، واختيار الوقت والمكان المساعديْن على الحفاظ على مِزَاجٍ جيد.

الفهمUnderstand = U : ينبغي الحرص على فهم المادّة المتعلَّمة، وإذا لم يتمّ فهم أي جزء منها؛ نضع خطًّا تحته، حتّى نتجنّب التّعميم الذي يقوم به المخ [لم أفهم الدّرس].

الحفظRecall = R : ينبغي الحرص على حفظ المادّة، بعد صياغتها بأسلوبك الخاصّ.

الاستيعابDigest = D : ينبغي الاستعانة بمصادر خارجية على فهم الجزء الذي لم يُفْهَمْ أوّلا من المادّة المدروسة، كالاستعانة بأستاذ آخر، أو كتابٍ، أو معجم، أو الشبكة الدَّوْلِيّة...

توسيع الإدراكExpand = E : ينبغي التوسّع في إدراك المعلومة، وذلك بطرح ثلاثة أسئلة على نفسك:

1) ما هي الأسئلة والانتقادات التي يمكن أن أوجّهها للمؤلّف لو قابلته؟

2) كيف أطبّق هذه المعلومة في حياتي اليومية؟

3) كيف أجعل هذه المعلومة شيّقة وسهلة لكل التلاميذ / الطلبة؟

المراجعةReview = R : ينبغي مراجعة المادّة المتعلّمة على فترات متلاحقة؛ حتى يتمّ نقلها من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، وذلك مرّة بعد كلّ درس، ومرة بعد كل يوم، ومرة بعد كلّ أسبوع، ومرة بعد كلّ شهر، ومرة بعد كل ثلاثة أشهرٍ، فتكون إِثْرَ ذلك نسبة تذكّر المعلومات يوم الاختبار مرتفعة جدًّا.

والأكمل، هو الجمع بين هذه الطّرق كلّها في مذاكرة المادّة المتعلَّمة؛ لأنّ المعلومة كلّما استُدخلت إلى الذاكرة بطرق مختلفة ومتعدّدة؛ كان ذلك أدعى لحفظها جيّدا، ومن ثَمَّ استدعاؤها بسهولة وقتَ الحاجة إليها.


طرق المذاكرة الفعّالة



إرشادات عامّة للمذاكرة والدّراسة

- عند التحضير لاختبار معيّن، عليك بالنوم مباشرة بعد المراجعة، وتجنّب مراجعة أي مادّة أخرى، أو القيام بأي نشاط آخر، وذلك من أجل تثبيت المعلومات في الذاكرة، حيث أثبتت التجارب أن الذي ينام مباشرة بعد المراجعة تَثْبُتُ المعلومات في ذاكرته أضعاف من يُعْقِبُ المراجعة بنشاطات أخرى قبل النوم.

- بالنسبة لمراجعة اللغات الأجنبية، خصّص لكلّ لغة منها فترة مستقلّة تماما عن اللغة الأجنبية الأخرى؛ لأنّ مراجعة اللغات الأجنبية جميعِها في فترة واحدة، أو فترات متعاقبة، يؤدّي إلى اشتباه المعلومات؛ ممّا يضعِف القدرة على تذكّرها.

- يساعد تغيير المكان كثيرا أثناء مراجعة الموادّ على تذكّرها، فيُفَضَّلُ مراجعة كلّ مادّة في مكان مختلف عن الآخر.

- وزّع جلسات الدراسة، حيث وَجَدَتْ دراسات حديثة أنّ المراجعة في ثلاث فترات، كلّ منها لمدّة ساعة، مردوده أكثر من المراجعة لفترة واحدة لمدّة ثلاث ساعات متواصلة؛ لأنّ الإنسان لا يستطيع التركيز في الغالب إلاّ لمدّة زمنية محدّدة.

- تظهر الأبحاث أنّ فترات الاستراحة تساعد على تعزيز ما درسته، خاصّة إذا قمت بمراجعة المادّة في ذهنك أثناء الاستراحات؛ لذلك إذا كانت لديك عدّة موضوعات للدراسة، فمن الأفضل أن تدرس كلّ موضوع في جلسة منفصلة من أن تدرسها كلّها مرة واحدة، ومن الأفضل أن توزّع جلسات الدراسة على عدّة أيّام.

- أفضل طريقة للمراجعة هي تقسيم أوقات الدراسة إلى فترات زمنية في حدود الساعة، مع فترات راحة في حدود عشر دقائق، بحيث تقوم بالتّنزّه، أو إعداد مشروب، أو القيام بتمارين رياضية، أو الاستماع إلى الأصوات الهادئة، كصوت البحر وصوت الشّلال... لصرف ذهنك عن التّفكير. ولمزيد من الإفادة؛ يُنْصَحُ عند بداية كلّ فترة ونهايتها القيام بمراجعة سريعة لما تعلّمته في الفترة السابقة، وما ستتعلّمه في الفترة اللّاحقة، حيث إنّ تلك السلسلة الدّؤوب من المراجعة والاسترجاع من شأنها أن توثّق المعلومات التي اكتسبتها بطريقة تتناغم وطبيعة عمل الذاكرة.

- يتذكّر الأشخاص بصورة أفضل ما يتعلّمونه في بداية فترة الدراسة ونهايتها، حيث ترتبط الأمور مع بعضها بشكل أقوى. فَلِمُدَّةِ ساعة تقريبًا يكون مستوى التّذكّر لدى الإنسان في أعلى مستوى [75 % – 100 %]، ثمّ بعد مرور ساعتيْن من تسجيل المعلومات ينخفض المستوى إلى [25 % – 50 %]. ولكنّ الغريب في الأمر، أنّه يبقى مستقرّا في أعلى مستوى عند أخذ فترة استراحة لمدّة عشر (10) دقائق بعد كلّ ساعة من تسجيل المعلومات أو المذاكرة.

- من كان عنده مشكل في التركيز، بحيث لا يستطيع التركيز أكثر من عشرين (20) دقيقة، فما عليه إلاّ أن يكثر من بدايات التعلّم ونهاياته، عن طريق الاستراحة بعد كلّ حصّة على الأقلّ لمدّة خمس (5) دقائق.

- استخدم الخريطة الذهنية في تلخيص الدروس كلها، فهي تساعد على زيادة القدرة على استدعاء المعلومات.

- تأكّد من مراجعة الملخّصات (الخرائط الذهنية) على فترات متباعدة، فذلك هو السبيل الوحيد لنقلها إلى الذّاكرة طويلة المدى.


أساليب المذاكرة الفعالة


إنّ المذاكرة بأساليب غير جيدة، تجعل التلميذ أو الطالب يرفضها؛ لأنّ طريقته في المذاكرة ربّما تعوق استثمار قدراته بشكل جيد، ومن ثَمَّ تأتي نتائجه أقل من مستواه الحقيقي؛ فيكرهها. (د. صالح عبد الكريم)


كيف أُعِدُّ مكانا مناسبا للمذاكرة؟

لقد ثَبَتَ علميا أن هناك تناسبا كبيرا بين مكان المذاكرة وبين نسبة تخزين المعلومات في الذاكرة، فكلّما كان المكان مناسبا للمذاكرة ومريحا للتلميذ / الطالب؛ كانت نسبة تخزين المعلومات في الذاكرة والإفادة من فترة المذاكرة مرتفعةً، والعكس بالعكس.

لذلك، لابدّ من توفير جملةٍ من المواصفات في مكان المذاكرة – قَدْرَ المستطاع –:

ا. طريقة الجلوس: يجب الحرص على أن يكون الظهر مستقيما لا منحنيا؛ حتى لا يتأذّى العمود الفقري مع مرور الزمن.

ب. تجنّب المذاكرة في غرفة النوم: لأنّ العقل يربط بين حُجْرَة النّوم والنّوم، وإن لم يكن هناك مفرّ من ذلك، فعلى أقلّ حالٍ، نتفادى المذاكرة في السّرير.

ج. الهدوء: يجب أن يكون المكان هادئا، وبعيدا عن كلّ مشتّتات الانتباه، كالضوضاء المنبعثة من الشارع، أو الضوضاء التي تعتري البيت، مثل: ارتفاع صوت التلفاز... أو ما شابه ذلك.

د. الإضاءة الجيدة: يشترط في المكان أن تكون إضاءته جيدة لسلامة العين. ويُفضّل ضوء النهار الطبيعي، كما يُفضّل في الإضاءة الصناعية (مصباح الفلوريسنت). ويُراعى أن تكون الإضاءة من الخلف وعلى يمين القارئ، إذا كانت الكتابة باللغة العربية، أو أن تكون من الخلف وعلى يسار القارئ، إذا كانت الكتابة باللغة الأجنبية. وفائدة ذلك، تجنّب انعكاس الأشعة الساقطة على الكتاب من الارتداد للعين؛ مما يؤدّي إلى حدوث إجهاد بالعين بعد فترة قليلة من القراءة.

هـ. التهوية الجيدة: يُسْتَحْسَنُ أن يكون الهواء بالمكان متجدّدًا؛ كيلا يقلّ الأوكسجين ويرتفع ثنائي أوكسيد الكاربون؛ فيؤدّي ذلك إلى الخمول والتعب بسرعة.

و. درجة حرارة المكان: إنّ درجة الحرارة المناسبة لأغلب الناس؛ حتى يحافظوا على تركيزهم، هي في حدود: 25°، فإذا كانت مرتفعة أو منخفضة؛ يفقد الإنسان التركيز باستمرار. كما أنّ الحرّ الشّديد يُفْضِي إلى التعب لأدنى مجهود، والبرد الشّديد يحفّز على النّوم.

ز. تنظيم المكان: ينبغي أن يكون المكان منظّما ومرتّبا ونظيفًا؛ حتى يساعد على جمع الذّهن على المذاكرة واستدخال المعلومات إلى الذاكرة؛ لأنّ المكان إذا عمّته الفوضى، بحيث كانت الكتب أو الأوراق مبعثرة هنا وهناك؛ أدّى ذلك إلى تشتّت الانتباه، بسبب تلك المثيرات.

يُنْصَحُ بتغيير شكل مكان المذاكرة بين الحين والآخر؛ حتى لا يشعُر التلميذ / الطالب بالرّتابة والملل من جَرَّاءِ تَعَوُّدِهِ على شكل المكان.


ختاما

ومن الملاحظ، أنّ الإخلال بأيّ شيء ممّا ذُكِر قَبْلُ؛ يُسْهِمُ بشكل كبير في ضَعْفِ مستوى التحصيل لدى التلميذ / الطالب، ويُقَلِّلُ من نسبة الإفادة من الوقت الذي يقضيه في المذاكرة. وهذا بطبيعة الحال، ينعكس سَلْبًا على نتائجه في الدّراسة؛ لأنّ التّعلّم لا يمكن أن يتمّ بشكل سليم إلّا إذا كانت البِيئَةُ مناسبة للتّعلّم. وإذا أردت أن تتأكّد من صحّة قولي؛ فما عليك إلاّ أن تختار لنفسك مكانا مرتفعةً درجةُ حرارته، وحاول أن تقرأ فيه كتابا أو أيّ شيء، ثمّ راقب بَعْدُ ما يطرأ عليك من تغيّرات شعورية ونفسية وسلوكية، وستجد مصداق ما قرّرت لك سابقا من أهمية إعداد مكان المذاكرة قبل مباشرة المذاكرة، فالإنسان يتأثّر ببَيْئَتِهِ ويؤثّر فيها.

أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
د. محمد لعسيلي، استشاري نفسي وأسري وتربوي، مكوّن معتمد في التنمية الذاتية، باحث في الثيولوجيا والميتودولوجيا واللغة والأدب، صانع برامج تكوينية.