اضطراب
اغتراب الواقع
اضطراب
إدراك الجسد Depersonalization
تقديم
أضحى انتشار الأعراض والاضطرابات النفسية والنفسجسمية، في عصرنا الراهن، واسعا. وقد واكب هذا الانتشارَ كثيرٌ من الدراسات والأبحاث النفسية القيّمة، التي حاولت أن تنير الطريق للإنسان المعاصر؛ حتى يفهمَ طبيعة العلاقة بين النفس والجسد من ناحية، ويدركَ الصّلة بين الإنسان والمحيط الذي يحيا فيه من ناحية أخرى، وما يَنْجُمُ عن ذلك من أعراض واضطرابات، تتسبّب فيها عوامل متعدّدة. ومن الاضطرابات المحيِّرة في علم النفس اضطراب "اغتراب الجسدDepersonalization ".
أعراض اضطراب إدراك الجسد
يحصل، عند الإصابة بهذا الاضطراب، تغيّر عابر في إدراك الجسد، وبشكل خاص في أبعاد الجسد. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يَتَهَيَّأَ الإنسانُ أنّ رأسه يتمدّد، يصبح كبيرًا. ويمكن أن يظهر الشعور، وكأنّ الإنسان لا يقف بثبات على الأرض، وإنّما يسير كالرّيشة، أو أنّ الإنسان موجود إلى جانب جسمه، أو أنّه يتحرّك كالآلة.
وفي حالة اغتراب الجسد، يبدو بعض الناس لأنفسهم في المرآة غرباء. ومن النادر لهذا الاضطراب أن يظهر مستقلا، فَغَالِبًا ما يترافق مع القلق أو مشاعر الاغتراب أو الاكتئاب، ومع مشاعر الفراغ الداخلي. أمّا تشوّه الأحاسيس كالحكّة والتّنميل في اليدين والذراع أو الأصابع أو القدمين؛ فهو أمر مختلف. فهذه الأعراض تستدعي إجراءَ فحص طبي شامل.
وغالبا ما تظهر اغترابات الجسد في سياق اغترابات الواقع (Dereatization)، وهذا يعني أن المحيط يبدو كذلك متغيرا. فتحصل إدراكات من التغير الظاهري لنوعية الأشخاص والأشياء، وأحيانا أيضا لمكانها في المجال. وهكذا، يمكن لإنسانٍ ما أن يبدو، فجأةً، أنّه بعيد جدا، ويمكن للمحيط أن يبدو غير حقيقي، بلا ألوان أو حياة نابضة. ويمكن للناس الآخرين أن يظهروا كالآلات.
ارتباط أعراض اغتراب الواقع بالقلق أو الاكتئاب
وفي العادة، لا تظهر أعراض اغتراب الواقع منعزلةً، وإنّما بالارتباط مع الحالة المزاجية المنقبضة أو مع القلق أو الاكتئاب. وغالبية الناس يشعرون بأعراض اغتراب الواقع على أنّها مخيفة أو معذّبة، ولكنْ كثير منهم يتقبّلونها، وبشكل خاص، عندما يتكرّر ظهورها، ولا يقدرون على التخلّص منها.
خاتمة
ينبغي للمُصَاب بأعراض اغتراب الجسد واغتراب الواقع أن يُقْدِمَ على إجراء فحص نفسي عند معالج نفسي مؤهَّل. وغالبا ما يستطيع العلاج النفسي أن يساعد المريض، وإن كان ليس دائما بالسرعة المرجوة، بل لابدّ من الحرص عليه والاستمرار فيه حتى تحقيق النتائج المأمولة.