القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر المنشورات

حل المشاكل | تقنية عظمة السمكة لحل المشاكل

حل المشاكل | تقنية عظمة السمكة لحل المشاكل


حل المشاكل | تقنية عظمة السمكة لحل المشاكل

تقديم

تقنية عظمة السمكة لحل المشاكل.. لا مناص من وقوع الإنسان في مشاكل، كيفما كان مستواه الاجتماعي أو العلمي أو المادي، ولو كان طبيبا نفسيا أو أخصائيا نفسيا، فهذا سيجموند فرويد مؤسس علم النفس، قد عانى من مشاكل في حياته، كما هو معلوم لدى المتخصصين في هذا العلم، لكنّ الشأن، كل الشأن، في تعامل الإنسان مع المشكلة.

سنتحدث في هذا المقال المقتضب عن تقنية "عظمة السمكة" The fishbone diagram technique لحل المشاكل، التي ابتكرها العالم الياباني "كارو إيشيكاوا"  Kaoru Ishikawa (1915 – 1989)، من الرواد البارزين في مجال إدارة الجودة. هذه التقنية التي تساعد على تحديد المصدر الرئيس للمشكلة، بَدَلَ التخبّط في أعراضها، بعد تحليلها تحليلا علميا. ثم سنطبقها في مجال التربية والتعليم؛ لتحليل مشكلة التأخر الدراسي مثلا، حتى تتّضح لكم كيفية تطبيقها جيدا. ثم بعد ذلك، يمكنكم تطبيقها في مجالات أخرى، كالإدارة والأعمال والبحث العلمي والتأليف وإعداد البرامج والإرشاد... وغير ذلك، بل يمكن تطبيقها في مشاكل الحياة قاطبة.


تعريف بالمبتكر


كارو إيشيكاوا  Kaoru Ishikawa

ابتكر التقنية كارو ايشيكاوا (Kaoru Ishikawa)، كميائي وعالم إحصاء وأستاذ جامعي واقتصادي ومهندس، ولد في طوكيو (1915 م – 1989 م)، وهو بروفيسور ياباني من الرواد اليابانيين، ساعد في تطوير إدارة الجودة. ومؤلف كتاب "مرشد إلى السيطرة على الجودة" (A guide to quality control).


تعريف بالتقنية

منذ خمسينات هذا القرن (سنة 1962 م)، طوّر العالم الياباني إيشيكاوا أسلوبا جديدا في تحليل علاقة السبب بالنتيجة؛ لتحديد المصدر الرئيس للمشكلة، وذلك من أجل تحقيق الجودة التي تسعى إليها المؤسسات والشركات. يرتكز هذا الأسلوب على تتبّع جميع الأسباب المحتملة التي أدّت إلى المشكلة، مهما كانت تافِهة في نظرنا. ثم تمحيصها واحدا تلو الآخر؛ حتى الوصولِ إلى المصدر الرئيس للمشكلة، ثم وضع خطة علاجية له.

وقد عُرف هذا الأسلوب بـ"عظمة السمكة"؛ اعتبارا للشكل البياني الذي يتخذه، حيث يشبه الهيكل العظمي لسمكة. كما اشتهر بأسماءٍ أخرى، منها: مخطط إيشيكاوا، تحليل السبب والأثر أو السبب والنتيجة، تحليل السبب الأساس، استراتيجية عظم السمكة... ويرمز لها بـ"6Ms"؛ لأنها تصنّف الأسباب الرئيسة للمشكلة إلى ستة أصناف: (الموارد البشرية Manpower، المكائن والآلات Machines، الأساليب والطرقMethods ، الموادMaterials ، البيئةMother nature ، القياسات أو المقاييسMeasurements ).

وهذا التصنيف يصلح فقط؛ عندما ندرس مشكلة داخل مؤسسة أو شركة أو مقاولة... أو ما شابه ذلك. أما حينما نزمع إلى دراسة مشاكل أخرى، قد تكون نفسية أو اجتماعية أو أسرية أو تعليمية... أو ما ماثل ذلك؛ فإننا نعتمد تصنيفا آخر ملائما لطبيعة المشكلة، كما سنرى أثناء الطبيق. 


خطوات التقنية

ننهج في دراسة مشكلةٍ، وفق التقنية، خمس خطوات:

1) تحديد المشكلة المراد دراستها، على نحو واضح ودقيق. إذ تعتبر المشكلة هنا هي النتيجةَ، التي سنبحث لها عن مصدرها الرئيس المتسبِّب فيها.

2) تحديد الأسباب الرئيسة لها. نطرح هذا السؤال: ما الذي تسبب في هذه المشكلة؟

3) تحديد الأسباب الفرعية لكل سبب رئيس. نطرح هذا السؤال: ما الذي تسبب في تلك الأسباب؟ ونحتاج في الخطوتين الآنفتين إلى تقنية العصف الذهني؛ لكي نقدر على تتبّع الأسباب المحتملة للمشكلة، سواء أ كانت رئيسة أم فرعية.

4) تحليل الأسباب وتمحيصها. نحلل كل سبب على حدة، ونتحقق من مدى إمكانية إفضائه إلى المشكلة. ثم بعد استبعاد الأسباب الواهية، التي ما هي إلا أعراض للمشكلة لا غير؛ نصل إلى الخطوة الأخيرة، وهي:

5) التوصل إلى المصدر الرئيس للمشكلة. ثم نضع خطة علاجية له، على حسب نوعية المشكلة.


تطبيق التقنية على مشكلة التأخر الدراسي

نشرع الآن في تطبيق التقنية على مشكلة التأخر الدراسي لطالب أو طالبة؛ لتحليلها والخلوص إلى المصدر الرئيس لها.

مشكلة التأخر الدراسي

بدءًا، نرسم خطا أفقيا، يمثل العمود الفقري للسمكة، ثم نرسم، يمينا، مثلثا أو دائرة، تمثل رأسها. ثم نفرّع من الخط الأفقي خطوطا رفيعة شيئا ما، تمثل الأشواك. فرأس السمكة يعدّ النتيجة، والأشواك المتفرعة من العمود الفقري تعد السبب. ثم نكتب المشكلةَ المرادَ دراستها داخل المثلث أو الدائرة. ثم نستعين بقنية العصف الذهني لتحديد أسبابها الرئيسة وكذلك الفرعية.

لنفترض، مثلا، أن الأسباب الرئيسة لتأخر الطالب أو الطالبة دراسيا هي: أسرية، نفسية، عضوية، معرفية، مدرسية. فلنبحث، إذا، عن الأسباب الفرعية لكل سبب رئيس. لنجعل، مثلا، الأسباب الفرعية للسبب الأسري هي: الخلاف المستمر بين الأبوين، وعدم متابعة الابن أو الابنة دراسيا، والتدليل الزائد لهما. وللسبب النفسي هي: ضعف القدرات العقلية، وفرط الحركة، وتشتت الانتباه، وضعف الذاكرة. وللسبب العضوي هي: ضعف البصر، وضعف السمع، وخلل في جهاز النطق. وللسبب المعرفي هي: ضعف المعرفة المسبقة (prior knowledge)، التي تخوّل للمتعلم(ة) اكتساب معارف جديدة. وللسبب المدرسي هي: بيئة التعلم منفرة، وكثرة العقاب، وقلة التحفيز، وعدم التوافق مع زملاء الفصل.

لنتحقق الآن من تلك الأسبابِ بتمحيصها واحدا تلو الآخرِ، ولنشطب على الأسباب الواهية، إلى أن نصل إلى المصدر الرئيس للمشكلة. وليكن، مثلا، هو ضعف المعرفة المسبقة. ثم لنضع خطة علاجية له، مبنية على التشخيص والتكوين وقياس الأداء.

هكذا، نكون قد حصلنا على رسم بياني شبيه بعظم السمكة لدراسة مشكلة التأخر الدراسي لطالب أو طالبة.


استراتيجية عظم السمكة

خاتمة

نلخص ما تناولناه في هذا المقال. لقد تعرفنا على تقنية عظمة السمكة التي ابتكرها البروفيسور الياباني كارو إيشيكاوا سنة 1962 م؛ لحل مشاكل الشركات والمؤسسات وتحقيق الجودة. هذه التقنية التي يمكن استخدامها في مشاكل الحياة جميعِها؛ لأنها تعطينا تصورا شموليا للمشكلة من جوانب متعددة، مما يساعد على حلها. إذ نستطيع من خلال خطوات التقنية الخمسة: تحديد المشكلة، تحديد أسبابها الرئيسة، تحديد أسبابها الفرعية، تحليلها وتمحيصها، التوصل إلى المصدر الحقيقي للمشكلة؛ أن نصمم خطة علاجية ناجعة مناسبة لنوعية المشكلة.

ولقد علمنا، أيضا، كيف أسعفتنا في دراسة مشكلة التأخر الدراسي لدى طالب أو طالبة وتحليلها. فما عليكم الآن سوى اختيار مشكلة ما تعانون منها، وتطبيق التقنية عليها؛ لكي تكتشفوا المصدر الرئيس لمشكلتكم. ومن ثمة، يمكنكم وضع خطة علاجية لها.


يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو التوضيحي؛ لارتباطه الوثيق بهذا المقال 👉

أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
أكاديمية إرشاد للعلوم النفسية
د. محمد لعسيلي، استشاري نفسي وأسري وتربوي، مكوّن معتمد في التنمية الذاتية، باحث في الثيولوجيا والميتودولوجيا واللغة والأدب، صانع برامج تكوينية.